بودكاست "قيادة غير تقليدية - Leading Unusual” هو رحلة استكشاف في عالم القيادة الحديثة، حيث نخرج عن النمط التقليدي لاستكشاف أساليب قيادية ملهمة ومبتكرة. من خلال خمسة محاور رئيسية - قيادة الذات، قيادة الفرق، قيادة الاستراتيجية، قيادة التغيير، وقيادة أصحاب المصلحة - نقدم أفكارًا مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ونشارك استراتيجيات لبناء ثقافة قيادية أصيلة ومرنة تتماشى مع تحديات اليوم.
مسعود: أهلاً بكم في الحلقة الخامسة عشرة من “بودكاست قيادة غير تقليدية - Leading Unusual”! نناقش اليوم موضوعًا جوهريًا في مجال قيادة التغيير والتنفيذ: كيف يمكن للقادة تحقيق التنفيذ الفعّال؟
تشير الدراسات إلى أن حوالي 90% من الاستراتيجيات المؤسسية تفشل في التنفيذ بسبب غياب الآليات المناسبة للتطبيق (Harvard Business Review). اليوم، نستعرض منهجية “الضوابط الأربعة للتنفيذ” التي يقدمها كتاب The 4 Disciplines of Execution. هذه المنهجية توفر إطارًا عمليًا لتحويل الأهداف الاستراتيجية إلى نتائج ملموسة عبر التركيز على الأولويات، وتطبيق المقاييس المناسبة، وتحفيز الفرق، وتعزيز ثقافة المحاسبة.
مرحبًا بكِ، بسمة! كيف ترين أهمية التنفيذ الفعّال في تحقيق النجاح المؤسسي؟
بسمة: شكرًا لك، مسعود! التنفيذ هو اللحظة التي تتحول فيها الأفكار إلى أفعال، وبدون تنفيذ فعّال، تظل الخطط الاستراتيجية مجرد حبر على ورق. يسعدني أن أشارك اليوم الأفكار الرئيسية لهذه المنهجية العملية.
مسعود: لنبدأ بالسؤال الأساسي: ما هو الضابط الأول في هذه المنهجية، وكيف يمكن للقادة تطبيقه؟
بسمة: الضابط الأول هو “ركّز على الأهداف فائقة الأهمية” (Focus on Wildly Important Goals - WIGs). الفكرة هنا هي تحديد هدف أو هدفين استراتيجيين حيويين بدلاً من محاولة تحقيق العديد من الأهداف في وقت واحد. التركيز على الأهداف الأكثر تأثيرًا يساعد الفرق على توجيه جهودها نحو ما يحقق قيمة حقيقية للمؤسسة.
وفقاً لدراسة من McKinsey، فإن الفرق التي تركز على عدد قليل من الأولويات تحقق أداءً أعلى بنسبة 40% مقارنة بتلك التي تشتت جهودها بين أهداف متعددة (McKinsey). على سبيل المثال، إذا كانت المؤسسة تسعى لزيادة حصتها السوقية، يمكن أن يكون الهدف الرئيسي هو تحسين تجربة العملاء، مع تحديد مبادرات واضحة لتحقيق هذا الهدف.
مسعود: التركيز على الأهداف الأهم يبدو الخطوة الأولى نحو تحقيق التنفيذ الفعّال.
مسعود: ماذا عن الضابط الثاني؟ كيف يمكن للقادة قياس التقدم نحو تحقيق الأهداف؟
بسمة: الضابط الثاني هو “تصرّف وفقاً للمقاييس الاستباقية” (Act on the Lead Measures). المقاييس الاستباقية هي الأنشطة اليومية التي يمكن التحكم فيها، والتي تؤثر بشكل مباشر على تحقيق النتائج النهائية. بدلاً من الاعتماد على مراقبة النتائج النهائية فقط (المقاييس اللاحقة - Lag Measures)، يركز القادة على تحسين الأنشطة المؤدية لهذه النتائج.
هنا يمكننا الاستفادة من منهجية OKR (الأهداف والنتائج الرئيسية). على سبيل المثال، إذا كان الهدف هو زيادة الإيرادات بنسبة 20%، فإن المقاييس الاستباقية قد تشمل عدد الاجتماعات مع العملاء الجدد أو جودة العروض المقدمة.
شركة Google، على سبيل المثال، تطبق OKR بفعالية، حيث يتم تقسيم الأهداف إلى نتائج رئيسية ومقاييس استباقية توجه الأنشطة اليومية للفريق. وفقاً لدراسة من Harvard Business Review، فإن الشركات التي تركز على المقاييس الاستباقية تحقق نتائج أفضل بنسبة 30% مقارنة بتلك التي تركز فقط على مراقبة النتائج (Harvard Business Review).
مسعود: مقاييس القيادة الاستباقية تقدم طريقة استباقية للتأثير على النتائج المستقبلية بدلاً من مجرد مراقبتها.
مسعود: كيف يمكن للقادة ضمان مشاركة الفرق وتحفيزها خلال عملية التنفيذ؟
بسمة: الضابط الثالث هو “حافظ على لوحة نتائج محفِّزة” (Keep a Compelling Scoreboard). الفكرة هنا هي إنشاء لوحة مرئية وواضحة تعرض تقدم الفريق نحو تحقيق الأهداف. لوحات النتائج تُظهر “أين نحن الآن” و”أين نريد الوصول”، مما يعزز الشفافية ويحفز الفرق.
منهجية أجايل (Agile) تقدم مثالاً رائعاً هنا. تستخدم الشركات لوحات الكانبان (Kanban Boards) كأداة لعرض المهام وحالة تقدمها بشكل يومي. في شركة Spotify، يتم استخدام هذه اللوحات لتعزيز الشفافية وتحفيز الفرق، حيث يمكن لكل عضو رؤية حالة المشروع والمساهمة في التغلب على التحديات إذا ظهرت.
وفقاً لدراسة من Scrum Alliance، فإن الفرق التي تعتمد على لوحات النتائج المرئية تزيد إنتاجيتها بنسبة 25% وتحقق تفاعلاً أفضل بين أعضائها (Scrum Alliance).
مسعود: لوحات النتائج تجعل الأهداف مرئية للجميع، مما يعزز روح الفريق والمساءلة.
مسعود: ختاماً، كيف يمكن للقادة تعزيز الالتزام المستمر بالتنفيذ؟
بسمة: الضابط الرابع هو “ابتكر إيقاعاً من المحاسبة” (Create a Cadence of Accountability). هذا يتطلب عقد اجتماعات دورية قصيرة لمراجعة التقدم وتحديد الإجراءات التالية. هذه الاجتماعات تساعد في الحفاظ على تركيز الفريق، وتعزز الالتزام بالأهداف.
الاجتماعات الأسبوعية السريعة، التي تُعرف في منهجية أجايل بـ”اجتماعات الوقوف اليومية” (Daily Stand-ups)، تعد مثالاً رائعاً لتطبيق هذا الضابط. في هذه الاجتماعات، يُراجع كل عضو تقدمه ويحدد أولوياته القادمة، مما يعزز التزام الجميع وتحقيق الأهداف. وفقاً لدراسة من PwC، فإن المؤسسات التي تتبنى إيقاعاً منتظماً من المحاسبة تزيد من فرص تحقيق أهدافها بنسبة 35% (PwC).
مسعود: خلق إيقاع مستمر من المحاسبة يبدو أمراً ضرورياً لضمان تقدم ثابت ونجاح طويل الأمد.
مسعود: نختتم هذه الحلقة بتلخيص للضوابط الأربعة للتنفيذ:
1. ركّز على الأهداف فائقة الأهمية (Focus on Wildly Important Goals - WIGs): حدد الأولويات الأكثر تأثيرًا.
2. تصرّف وفقاً للمقاييس الاستباقية (Act on the Lead Measures): ركز على الأنشطة التي تؤثر على النتائج.
3. حافظ على لوحة نتائج محفِّزة (Keep a Compelling Scoreboard): اجعل التقدم مرئياً للجميع.
4. ابتكر إيقاعاً من المحاسبة (Create a Cadence of Accountability): عزز الالتزام من خلال اجتماعات دورية فعّالة.
هذه المنهجية تساعد القادة على تحويل الاستراتيجيات إلى واقع ملموس، وتعزز تفاعل الفرق ونجاحها. نلقاكم في الحلقة القادمة من “بودكاست قيادة غير تقليدية - Leading Unusual”!